الشيخ محمد سعيد هريدي: يكتب: رمضان فرصة للتغيير.. مراسل مصر
الشيخ محمد سعيد هريدي: يكتب: رمضان فرصة للتغيير.. مراسل مصر

.
الشيخ محمد سعيد هريدي: يكتب: رمضان فرصة للتغيير.. مراسل مصر
إمام وخطيب ومدرس بإدارة أوقاف إيتاي البارود ثان
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكريم بآلائه العظيم بكبريائه القادر فلا يمانع والقاهر فلا ينازع والعزيز فلا يضام والمنيع فلا يرام والمليك الذي له الأقضية والأحكام وصلواته على المبعوث بشيراً ونذيراً وداعياً إلي الله بإذنه وسراجاً منيراً محمد النبي خير الورى وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى ما انبلج الليل عن الصباح ونادى المنادي بحي على الفلاح وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد، فإن شهر رمضان أفضل شهور العام وأحببت أن أتكلم معكم عن غاية من غايات الصيام فقد شاع بين الناس أن الغاية من الصوم أن يشعر الغني بالفقير ولعل هذا التعليل تعليل قاصر فإذا كان الغني يصوم ليشعر بالفقير فلماذا يصوم الفقير؟ ولماذا يصوم الذي لا يجد شيئا من متاع الدنيا؟ فلابد أن نربط الصوم بغاية تعم كل الصائمين فما هي هذه الغاية التي شرع الله من أجلها الصوم ؟ فنتحدث معكم عن مقصد أصيل من مقاصد شرعية الصوم من قبل الله سبحانه وتعالي لماذا نصوم
شهر رمضان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغيير فلو سئلنا لماذا نصوم؟ الإجابة أننا نصوم حتي نتغير فالذي يصوم ولا يتغير لم يحقق الغاية التي من أجلها شرع الله عز وجل الصوم لذلك نجد أن رمضان ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغيير فبين التغيير وبين شهر الصوم تلازم فالذي يصوم هو الذي يتغير والذي يصوم ولا يتغير جاع وعطش بنص كلام الله عز وجل وفهم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم للصوم فالصوم يرتبط بالتغيير قال الله عز وجل”يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ” (البقرة 183) وكلمة لعل في اللغة تفيد التهيئة يعني كتبنا عليكم الصوم لتهيئوا فتكونوا من المتقين فالذي يصوم ولا يتهيأ للتغيير ولا يغير في نفسه شيئاً لم يفهم الغاية من الصوم فبين رمضان وبين التغيير تلازم وثيق
كتاب الله عز وجل الذي غير وجه الأرض وجعلنا خير أمة أخرجت للناس نزل في شهر رمضان حتي نربط تغيير الكون بالقرآن ونربط تغيير الكون برمضان لماذا يختار الله عز وجل شهر رمضان زمناً لنزول كتابه حتي يربط التغيير بالصيام وحتي يربط التغيير برمضان “شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ” (البقرة 185) تغير الكون وتغير الناس من ضلالة إلي هدي في شهر رمضان الذي نزل فيه القرآن وتحول العرب من رعاة غنم إلي قادة أمم بكتاب الله عز وجل الذي نزل في شهر التغيير فالمقصد الأسمى من الصيام لا أن يشعر فقط الغني بالفقير بل أن يتغير الإنسان وأن يغير كل ما حوله لأن كل شئ يتغير . ففي رمضان جل معارك المسلمين التي حققوا فيها إنجازات كانت في رمضان جل الانتصارات التي غيرت حال المسلمين كانت في رمضان يغير الله عز وجل نظام الكون كله في رمضان فيخبر الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم بأنه في رمضان تفتح أبواب الجنان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ” (البخاري 1898) هذا تغيير لا يكون في غير رمضان في رمضان تغلق أبواب النيران فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين” (البخاري 1899) في رمضان تتضاعف الأجور والحسنات كل شيء يتغير في رمضان حتي قال بعض علماء الأصول حتي إن الروائح لتتغير في رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالي من ريح المسك يترك طعامه وشرابه من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها ” (البخاري 1894) فنجد رمضان يغير كل شيء يغير الجنان ويغير النيران ويغير الأكوان فمن الخسران أن يتغير حولنا كل شيء ونحن لا نتغير من الخسران ومن البوار ومن الخذلان أن يتغير الكون ولا يتغير الإنسان والدليل أيضا علي أن شهر رمضان شهر التغيير شهر رمضان يكسر قاعدة أنا لا أستطيع التي انتشرت بين الناس والتي تقتل الهمة وتقتل الحضارات كم من الناس تجري علي لسانه كلمة لا أستطيع تقول للمدخن لماذا لا تترك التدخين يقول لا أستطيع رمضان يكسر هذه المقولة ويغيرها ويثبت أن كل إنسان يستطيع أن يغير نفسه تقول لشخص يأكل ويشرب كثيراً لماذا لا تعتني بجسمك لماذا لا تخفف من طعامك وشرابك يقول لك لا أستطيع رمضان يكسر هذه المقولة ويغيرها ويثبت أن كل مكلف مستطيع تقول لشخص لماذا لا تحضر مجالس العلم وصلوات الجماعة وصلاة الفجر في جماعة وصلاة العشاء في جماعة يقول لك لا أستطيع لماذا يستطيع في رمضان فرمضان يكسر المقولة التي تقول أنا لا أستطيع أن أفعل لا أستطيع أن أترك لا أستطيع أن أعبد يأتي رمضان الشخص نفسه الذي يقول لا أستطيع نراه يستطيع ويصلي ويخفف طعامه وشرابه ويترك التدخين ويتخلى عن أخص خصائصه كالطعام والشراب والزوجة لماذا في رمضان حتي يقول لنا ربنا تبارك وتعالي ينبغي أن يتغير الإنسان في رمضان فلابد أن تتغير في رمضان يقول الرافعي الأديب المشهور في كتابه وحي القلم يشبه شهر رمضان بفصل الشتاء من الفصول الأربعة لماذا قال فصل الشتاء فيه برد قارص وفيه مطر شديد وغيوم ورياح وبرد والإنسان يتضجر من فصل الشتاء بسبب العوامل التي تؤذي الإنسان وتؤذي البنيان أحياناً ولكن إذا نظر الذي يتأذى من الشتاء إلي عواقب الشتاء في التغيير من فصل الشتاء بأن الأرض تلبس ثوبا أخضر بأنه يحدث خيراً علي كل المجتمعات وتنبت الثمار وتمتلئ البحار والوديان وتمتلئ الآبار يحب الإنسان الشتاء لا للشتاء لتغير الذي يحدث بعد الشتاء يقول الرافعي وهكذا شهر رمضان يجد الإنسان له مشقة ويجد له تعباً ويجد له جهداً لكن إذا نظرت إلي ما بعد الصيام لتمنيت أن تكون السنة كلها رمضان كما نظر الذي ينظر من المزارعين إلي عواقب المطر يتمني أن تكون السنة كلها شتاء لماذا نتمنى السنة كلها جوعاً وعطشاً وجهداً وأرقاً لأنكم لو رأيتم عواقب التغيير التي تحدث علي الإنسان وتحدث علي المجتمع وعلي العالم كله من فرضية الصوم لتمنيتم أن تكون السنة كلها رمضان، فنسأل الله أن يوفقنا لنتغير كما أراد سبحانه وتعالي
.