أهم الاخباردنيا ودينسلايدرمقالات وكتاب

مراسل مصر:عاشوراء قصه الماضي والحاضر والمستقبل

مراسل مصر:عاشوراء قصه وعبرة وعظه

 

 مراسل مصر:عاشوراء قصه الماضي والحاضر والمستقبل 

كتب/د وليد زكريا ناصر

 

ملك متجبر يدعي لنفسه ما لا يجوز له، يقول بلا حياء ولا خجل أنا ربكم الأعلى، وهو يعلم من نفسه أنه عبد ذليل، لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، ولكن سولت له نفسه أن يأمر الناس بعبادته.

وقوم بلغوا من الحماقة مبلغا عظيما حيث صدقوا رجلا يرونه يأكل كما يأكلون، ويتغوط كما يتغوطون، وينام كما ينامون، ثم بعد ذلك يتابعوه في دعواه، ويؤمنون به إلها معبودا، استخف الملك قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوم سوء فاسقين.

وفي وسط هذه الظلمة الحالكة والظلم الخانق والانحراف الأخلاقي، يقترب فجر جديد فتتناقل أخباره الكهنة والعرافون، فيصل الأمر إلى هذا الملك أن عرشه أوشك على الإنهيار، وأن دولته أوشكت على الزوال، وأنه قد اقتربت ولادة طفل يقود الناس إلى رب آخر هو الرب الحقيقي.

فيرتعد الملك ولو كان صادقا ما خاف، ولو كان من حوله من ذوي العقول لعلموا أن الرب الحقيقي لا يخاف، ولو كان إلها حقيقيا لكفاه أن يقضي أنه لا يولد ذلك الطفل وينتهي الامر.

ولكن مع الخوف والفزع طاش عقله، فقضى الى وزرائه أن يقتلوا كل مولود ذكر ويتركوا كل أنثى، فجاسوا خلال الديار يقتلون ويستحيون، لا تاخذهم شفقة ببكاء رضيع ولا بلهفه أم ولا بحسرة أب، فقد تجسد الجبروت في أوضح صورة.

 

ولكن قضاء الله لا يرد، ومبالغة في الإعجاز يقدر الله تعالى أن يولد الطفل، ويذهب ليترعرع في بيت الملك الذي يبحث عنه ليقتله، وتتلقاه زوجة الملك، وتخبر زوجها الخبر فيستقبله ويربيه، ثم يشاء القدر أن يقتل الشاب رجلا من أهل مصر، فيأتمر به الناس ليقتلوه، فيخرج خائفا يترقب ويذهب في الصحراء هائما على وجهه حتى يقترب من عين ماء.

فيجد الرعاة عليها يسقون إلا فتاتين فيسقي لهما ثم يتولى، لم يطلب منهما أجر، ولم يتعرف إليهما، ولكنه فعل ما أملاه عليه قلبه الطاهر العفيف، ثم تولى إلى الظل وشكر ربه.

وبما ظهر من أخلاقه قالت إحدى الفتاتين لوالدها يا أبت استاجره، إن خير من استأجرت القوي الذي سقى لنا، الامين الذي حفظنا وحفظ نفسه عنا.

فأرسلها أبوها فجاءته تمشي على استحياء، وهنا تتجلى أسمى صفات المراه التي جعلت رجل قد تربى في قصر ملك، يعمل راعيا للغنم في أودية الصحراء لمدة ثماني أو عشر سنوات، طيبة بها نفسه، إنها صفة الحياء التي لا تزاحمها صفة جمال وجلال أخرى في الفتاه.

وبعدما قضى الأجل سار بأهله إلى وطنه الأول، وفي جنح الظلام رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا، وتوجه إلى النار فناداه ربه، وأسدل عليه أعظم نعمة حيث جعله نبيا كليما.

وأمره بتبليغ دعوته إلى فرعون الملك الغشوم، وهنا تتجلى أعظم مواقف التربية والقدوة حيث قال موسى النبي يا رب إن أخي هارون هو أفصح مني قولا، فكان هارون حسن الهيئه وفصيح اللسان وحليم الخلق، ولم يكن بالأخ النبي شيئا من الغيرة أو الحقد تجاه أخاه الذي يتميز عليه، ولكن كان هناك الحب والتكامل والايثار.

لم يقل موسى في نفسه الآن أتفوق بالرسالة على أخي، ولكن قال أرسل إلى هارون أخي، وحمل الرسولان الرسالة وذهبا بها إلى اعتى ملوك الدنيا في زمانه، فقالا له قولا لينا ليتذكر أو يخشى، ولكن هيهات للقلب الميت أن يحيا، فبدلا من أن يعترف بعجزه وخطأه، اقترف إثما آخر فقام يجمع الناس وقال لهم ذروني أقتل موسى وليدع ربه، وبرر فعلته تلك بأنه يخاف من موسى أن يبدل دينهم ويخرجهم من عبادته وطاعته، أو أن يظهر في الأرض الفساد.

واستتر بستار الحكمة، وظهر بمظهر الناصح، وخاطب عواطف رعيته وخوفهم على دينهم من التغيير، وعلى وطنهم من الفساد فاتبعوه ووافقوه.

ثم جمع جنده وواجه موسى فانهزم الجند “السحرة” وتابعوا موسى، فبعد أن كانوا منذ لحظات جنودا لفرعونا يخطبون وده، تبدلت حالهم في لحظة واحدة، فبعد أن رأوا الحق لم يترددوا في اتباعه وأعلنوا إيمانهم به، فجاء الإختبار من الله سريعا، فتوعدهم فرعون بالقتل والصلب، ولكن نبتة الإيمان الوليدة في قلوبهم زهدتهم في هذه الدنيا، وحقرت الآلام في عيونهم فلم يعودوا يروها.

فهنا يقرر الملك أن يقتل النبي وأتباعه، فيحشد جيشه وفرسانه ويتبع النبي وأمته إلى شاطئ البحر، فتتجلى قدرة الله وينفلق البحر أمام نظر فرعون، وبدلا من أن ينزجر ويرتعد ويزعن لربه الذي خلق البحر، أخذته العزة بالإثم وخاض البحر خلفهم.

ولو انه منح نفسه فرصة واحدة ليتفكر، لعلم أن الذي قدر على شق البحر لقادر على ضمه وإغراقهم، ولكنه الكبر حين يستولي على القلوب.

فينجي الله رسوله واتباعه، ويبتلع البحر فرعون وجنوده، وللمرة الأخيرة تسنح الفرصة لفرعون أن يؤمن وينجو، فيأبى كبره الا أن يقول: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، ولو أنه قال: آمنت أنه لا إله إلا الله لنجا.

وبعد عقود من الظلم ينجو بنو إسرائيل من الغرق، ومن فرعون، ويصلوا إلى بر الأمان، ويرجع من بقى من جنود فرعون بجثمانه ليكون لهم آيه، وبدلا من أن يتبعوا الرسول، رأوا الأمر من منظور آخر، حيث أنهم رأوا في موسى رجلا جاء قومه إلى أرضهم منذ قرون، واستضافتهم الأرض وأهلها، ثم تسبب موسى في قتل ملكهم وهرب بقومه.

وعلى الجانب الآخر كان هناك الناجين، الذين خاضوا البحر بحول الله وقوته منذ قليل، فلما وصلوا الى الشاطئ وجدوا قوما يعبدون الهة لهم، فقالوا لنبيهم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، يا لكفر النعم ! اليس ربكم قد نجاكم أفغير الله تبغون ربا!.

ثم يذهب موسى إلى ربه أربعين ليلة، وعندما يعود إليهم يجدهم قد عبدوا العجل، وانحرفوا عن طريق الله، وتمضي الأيام ويقوّم النبي اعوجاجهم.

حتى إذا أُمِروا بالقتال تراجعوا ونكصوا على أعقابهم، فقد أعطاهم الله جميع النعم، وأحاطهم بعنايته ورعايته، وفي كل مره يكفرون بنعم ربهم، ويخرجون عن طاعته، ويتهقرون عن نصر دينه.

فكان قضاء الله عليهم أن هذا الجيل لا يصلح، فحرّم الله عليهم أرضهم، وجعلهم يتيهون في الأرض اربعين سنة، حتى يفنى ذلك الجيل الذي لم يكن لينصلح حاله، ويخرج جيل جديد يتربى على طاعة الله، فيورثه الله الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى