مقالات وكتاب

محمود دوير : يكتب :قلق مشروع على الثقافة والفن

مراسل مصر :قلق مشروع على الثقافة والفن

محمود دوير : يكتب :قلق مشروع على الثقافة والفن

تزايدت في الآونة الأخيرة حالة من القلق كشفت عنها تعليقات المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي وكتابات عدد من المهتمين بثقل مصر الثقافي والفني ومدى نفوزها الذى تكَوًن عبر آلاف الأعمال الفنية في مختلف مجالات الإبداع وعبر عقود طويله وممتدة ساهم في صياغته مئات العقول لنصنع ما يسمى بتفوق وتأثير ونفوذ قوتنا الناعمة فى محيطنا العربي والإفريقي.

ويتابع الكثير من المصريين حالة النشاط الفني والثقافي التي تنتعش فى بلدان عربيه شقيقة والتى تستعين بمقومات ماديه وقدرات لوجستية هائلة وتعتمد على قدرات بشرية من بلدان عربية وفى القلب منها مصر والتي تملك قدرات فائقة التأثير وواسعة الانتشار مما يجعل البعض يخشى أن ينتقل مركز ثقة الثقافة والفن من القاهرة إلى عواصم عربية .

وأعتقد أن هذا قلق مشروع تماما وله وجاهته ومبرراته خاصة فى ظل شكوى من الجمهور وعدد كبير من النقاد بتراجع مستوى ما يقدم من أعمال فنيه والمطالبة بتحسين المحتوى الذي يمثل مصر وتتابعه الشعوب العربية .

بالإضافة إلى ما يطلق عليه البعض – هرولة – العقول والكفاءات المصرية نحو أنشطه فنيه وثقافيه تتمتع بإنتاج ضخم حتى أصبحنا نرى كل نجوم مصر تقريبا في فعاليات فى عواصم عربيه ” عروض مسرحيه – حفلات فنيه – مهرجانات سينمائية ” وهذا أمر جيد ولا خلاف عليه لكن ما أدى للقلق لدى الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي والفني أن يؤدى ذلك مع الوقت لسحب البساط من القاهرة لصالح مدن أخرى خاصة في ظل تراجع معدلات ومستويات الإنتاج داخل مصر سواء فى السينما أو المسرح أو الدراما بالمقارنة بحجم الإنتاج الضخم والميزانيات الكبيرة التي يتم رصدها من جانب مؤسسات عربية .

ويرى البعض أننا لا يجب أن نوجه أصابع اللوم إلى الفنان المصري الذى لم يجد فرصه داخل وطنه فرحب بها عندما جاءت من دولة شقيقة أو ذلك المبدع الذى يجد تقدير واحترام وتكريم له فى دولة عربية بينما تتجاهله مؤسسات دولته فلا تكرمه بالشكل الذى يليق بعطائه .. هذا الرأي يحمل المؤسسة الثقافية الرسمية المسؤولية.

الدور الفني والثقافي لمصر كان دائما جزء من مشروع وطني شامل ليس بمعزل عنه أبدا كما تجلت مظاهر قوته ونفوذه كلما تجلت عوامل قوة وصلابة المشروع الوطني المصري والعكس صحيح فقط رأينا بعض الفنانين المصريين مثل (حسين فهمى فريد شوقي وحسن يوسف وناهد شريف وأحمد رمزي وغيرهم يهرجون اوطن عقب هزيمة يونيو 1967 ويهرولون نحو لبنان وتركيا يقدمون أعمال استهلاكية بعضهم ندم عليها فيما بعد وكان مبررهم أنهم “عايزين يأكلوا عيش ” وأضطر بعضهم للاعتذار عنها فيما بعد .

لا قلق على الفن المصري لكن القلق دائما على صناع هذا الفن ومنهم إذا لم يدركوا أنهم يحملون تراث عريق تأسس على يد رموز في مختلف المجالات أخصلوا للفن وللوطن وآمنوا بما يقدموا فصنعوا أعمال خالدة ساهمت فى تشكيل وجدان الأمة العربية … لتكن ثقتنا في فنون مصر وثقافتها بلا حدود وليكن إيماننا بقيمة مصر وريادتها أكبر من محاولات البعض بالداخل أو الخراج تقزيمها وعلى الجميع أن يدرك أن هذا لا يمكن ان يحدث سوى فى لحظات المحنة والضعف وتراجع الدور والتأثير.

فى اللحظة الراهنة يجب على المؤسسة الثقافية والفنية أن تدرك جيدا مسؤوليتها تجاه تراث الوطن فقد تبدد معظم تراث السينما المصرية اصبح ملك شركات وأفراد خارج مصر كما يسعى البعض للهيمنة على تراث وحاضر الموسيقى ويسعى البعض الآخر إلى تفريغ الساحة الأدبية من كل ما هو مصري وصناعة نسق أدبى مغاير من خلال اختراق الساحة الأدبية المصرية والانتصار لأشكال فنيه فى الكتابة سواء فى الشعر أو السرد تنتمى إلى مجتمعات أخرى ولا علاقه لها بمصر وتراثها الأدبي.

على المؤسسة الثقافية أن تستعيد توازنها وتتوقف عن دور المتفرج الذي تمارسه منذ نصف قرن تقريبا حتى وصل بنا إلى ما نحن فيه ….

إنه قلق مشروع وعلينا تبديده سريعا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى